نام کتاب : الأجوبة الكافية عن الأسئلة الشامية نویسنده : الكافي التونسي جلد : 1 صفحه : 14
التداخل في شأن ذلك وجب زجره وكفه عن مثل ذلك
سؤال: ما تفسير آية {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}؟
الجواب: تفسيرها الذي يجب اعتقاده يأتي بعد - إن شاء الله تعالى - أقول: ظاهر هذه الآية وبعض الأحاديث يدل على أن الباعث لخلقهم هو عبادتهم له تعالى، أخرج ابن أبي شيبة عن أبي الجوزاء في الآية قال: أنا أرزقهم وأنا أطعمهم ما خلقتهم إلا ليعبدوني، وهذه الدلالة [1] غير مرادة قطعا أجمع أهل الحل والعقد من المسلمين على أن الله تعالى لم يوجد شيئا، ولم يكلف أحدا بحكم لغرض وعلة، فلا بد من نظر آخر في الآية والأثر فنظرنا فوجدنا أن لام الجر موضوعة لمعان كثيرة منها أن تكون للعاقبة والمآل وهي المتعينة في الآية والأثر ولا يصح غيرها من المعاني والدليل [1] قوله: غير مرادة إلخ سئل الإمام الجامع بين علمي الظاهر والباطن أبو العباس أحمد التيجاني - رضي الله عنه ونفعنا بمدده - عن العلل المذكورة في كلام الله - تعالى - نحو {وما خلقت الجن والإنس} و {ليطاع بإذن الله} و {ليكون لهم عدوا وحزنا} ونحو ذلك فأجاب - رضي الله عنه - بقوله: اعلم أن العلة المستحيلة في حقه - تعالى - هي أن لو قدر شيئا يعود منه النفع أو الضرر على الله - تعالى عن ذلك علوا كبيرا - فهذه هي العلة المستحيلة في حقه تعالى، أما العلة التي يعود نفعها أو ضررها على العباد فهذه لا شيء فيها؛ لأن حكمة الله هي شرائع أنبيائه أظهر فيها - سبحانه وتعالى - الارتباط بين الأشياء من النسب والإضافات كالسبب بمسببه، والعلة بمعلولها نحو: {من يطع الله ورسوله ندخله جنات} {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله نارا} إلى غير ذلك من الآيات والأخبار فعلى هذا معنى قوله: {ليعبدون} أي لنحكم عليهم بالعبادة فمن لم يعبدني منهم عاقبته بعذابي، وأما الأشياء بالنسبة بمشيئة لله تعالى فعارية عن العلل والشروط والأسباب ونحوها، وإنما حكم الله في أزله بما اختار، فجعل هذا سعيدا وهذا شقيا وهذا غنيا وهذا فقيرا من غير علة ولا غرض، وما أظهره الله تعالى في حكمته من الارتباطات بين الأمور في الظاهر نحو: من فعل كذا عاملته بكذا من الخير أو الشر فذلك بمحض الفضل أو العدل له الحكم والاختيار لا يسأل عما يفعل ا. هـ وقال سيدي علي وفا - رضي الله عنه -: جميع الأعمال إنما شرعت تذكرة بمشرعها؛ كي لا ينسوه ولا يصبوا إلى غيره {أقم الصلاة لذكري} فافهم، وفي الإبريز إنما شرعت العبادات وجميع الطاعات وأرسلت الرسل بذلك؛ ليحصل التوجه إلى الله ويردوهم عن الغفلة الناشئة لهم عن الحجاب، ولولاها لكان البشر مثل الملك ولم يتحمل هذه التكاليف الشاقة ولم تكن جهنم ا. هـ باختصار ولعل هذا الإنسان السائل يستحسن عقله أن تترك العباد سدى كالأنعام لا تكلف عليهم، وهو كأحدهم فيكون من مصدوق آية سورة القيامة
بقي سؤال آخر يتعلق بالآية وهو أن الله تعالى علمه محيط بكل شيء، وقد قال: {وما خلقت الجن والإنس} الآية فمقتضى ذلك أن يكون عالما بأنهم سيعبدونه، وينافي علمه بذلك تخلف العبادة من بعضهم، وأحسن ما أجيب به عن الآية ما قاله أبو العباس التيجاني أيضا أن قوله تعالى: {وما خلقت} الجن الآية خطاب منه تعالى في بساط الحكمة لا في بساط الحقيقة والمشيئة المشار إليها بقوله تعالى: {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} فهذا هو الواقع؛ لأن خطاب المشيئة لا يتأتى انتفاؤه بخلاف خطاب الحكمة في بعض الموجودات؛ لأن أمره - تعالى - مسوق إلى المشيئة لا إلى الحكمة، والحكمة سجاف على المشيئة كما قال صاحب الحكم - رضي الله عنه -: إلى المشيئة يستند كل شيء، ولا تستند هي لشيء يعني لا يقال لم شاء الله هذا؟ أو لا علة لاختياره ومشيئته تعالى، فقوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس} الآية {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله} خطاب في عالم الحكمة؛ فلذا وقع التخلف وكفر الكثير بالرسل إذ لو كانت عبادتهم وطاعتهم مقررتين في هذه المشيئة ما أمكن تخلفهما، قال تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} وقال تعالى: {وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين} أي بأن السعادة بيدي دون خلقي ا. هـ المراد منه
نام کتاب : الأجوبة الكافية عن الأسئلة الشامية نویسنده : الكافي التونسي جلد : 1 صفحه : 14